جموع حاشدة تتجمع فى الصحراء,تحمل المشاعر ويبدو أنهم يبحثون عن شىء,تظهر عليهم ملامح اليأس والحيرة والتعب,وبدت أصواتهم وكأنها قادمة من بعيد,من أعماق ابار الصحراء,وكلهم يحاولون اعطاء مبرر لفشلهم فى العثور عليه حتى الأن..و بدأت أصواتهم تعلو مخترقة عنان السماء,حتى إختفت النجوم هاربة من صرخاتهم.
::يبدو أنه هاجر الى أرض أخرى..لا لقد صعد الى السماء هربا من جحيم الأرض..لا لقد سافر الى بلد أخرى حالتها اسوأ من حالتنا وربما سيعود..كان يعيش فى وسطنا ولم نقد"ر قيمته ونعطى له حقه..وبدأت النساء فى النحيب والعويل عندما تصاعد صوت شاب بائس يصرخ فى الجماهير,لقد أنتحر.....يجب أن ينتحر بعد الحادثة الأخيرة التى راح ضحيتها مئات الأرواح البريئة.راحت هباء ضحية الكراهية والغضب..
وبدأت الناس تعتنق فكرة الأنتحار..وبدأت تساؤلاتهم,ولماذا لم ينتحر منذ عشرات السنين بعد كل هذه الحروب التى حصدت ملايين من البشر ..ويرد عليهم صوت أخر,لقد أنتحر لما وصل اليه الحال داخل العائلة الواحدة..الزوج تخلى عن زوجته و ترك ابنائه من أجل السعى خلف المال,والأم تخلت عن أطفالها لترضى أنانيتها ونزعتها لتحقيق أحلامها الشخصية,والأطفال يولدوا فى هذه الدنيا ليصارعوا الوحدة ولا أحد لينقذهم من أفكار العنف و الإنحلال فى العالم الوهمى الذى تقدمه لهم التكنولوجيا الحديثة..ومن أعماق اليأس ظهر صوت أخر لفتاة ترتدى النقاب تقول:هذا عقاب الله لكفرنا بنعمه علينا,لقد خلقه وزرعه داخلنا ليساعدنا على اجتياز ابتلاءات هذه الحياة ولكننا أنكرنا وجوده و قتلناه داخل نفوسنا..وصوت أخر رد عليها,لقد قتل نفسه قبل أن نقتله,بعد ما بتنا نكره حتى أنفسنا..
لماذا يرحل ونحن فى أشد الإحتياج إليه,ألم يصل لعلمه إننا نستعد لإستقبال العيد غدا ,لقد إندثرت فرحتنا وبدلا من التهانى خرجنا جميعا نحمل أحزانناللبحث عنه,..
وهنا ظهرت فجأة فتاة رقيقة وكأنهافى السابعة عشر من عمرها ترتدى فستان موضة الستينيات وتبدو كأنها تخرج من أحدى أفلام عبد الحليم حافظ,وتحتضن ديوان شعر لنزار قبانى وتضمه بقوة الى صدرها .وقالت فى صوت خفبض حنون مس قلوب الجميع قبل أن يسمعوه,أنه أرق من أن يتركنا وحدنانواجه هذا العالم القاسى يكفيه خروجنا بالملايين للبحث عنه وسوف يعود,فقط ابنوا له نصب تذكارى من الزهور حتى يقوده عبيرها الينا ,وأطفئوا هذه المشاعل وأضيئوا ملايين الشموع فهو ايضا يبحث عنا كما نبحث نحن عنه....لا يمكن أن ينتحر الحب