استثمار المعلومات في غزوة بدر
فإن الناظر إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة ليجدها معينا خصبا ومنهلا عذبا لكل مسترشد أراد أن يسير في درب الحياة على هدى من الله، ليصل إلى ما لا مبتغى سواه، سواءً ذلك في الدنيا أو في الآخرة، فهو صلى الله عليه وسلم نعم القدوة والأسوة لكل أب وكل قائد وكل محارب وكل حاكم وسياسي ومربي وداعية وزاهد وقاضي، بل لكل إنسان على وجه الأرض مهما كان وأَيَّن كان، قال تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ...) [الأحزاب: 21]، لذلك كان لزاما علينا أنه نتبعه صلى الله عليه وسلم لأن في طاعته السبيل إلى الهدى والرشاد، قال تعالى: ( قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ ) [النور:54]، وبالمقابل فإن الإعراض عن هديه ومنهجه صلى الله عليه وسلم لا يوصلنا إلا إلى الخذلان والهوان في الدنيا والخسران في الآخرة، قال تعالى: ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) [النور: 63].
وإذا ما نظرنا إلى حال صحابة رسول الله - رضى الله عنهم - ذلك الجيل الفريد الذي لم ولن تنعم الأرض بمثله قط لوجدناهم خير من طبق شرع الله تعالى وخير من سار على نهج رسوله صلى الله عليه فنصرهم الله تعالى على عدوهم وأظهرهم عليه ومكَّنهم في الأرض، فكانت لهم دولة في عشر سنين في حين لم يكن لغيرهم مثلهم، ودان لهم العرب والعجم، وذلك أنهم حققوا الإيمان ومارسوا العمل الصالح وحرصوا على كل أنواع الخير وصنوف البر وعبدوا الله حق عبادته.
قال تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [ النور:55 ].
وهكذا يتضح لنا نحن معاشر المسلمين اليوم أن النصر لا يكون إلا إذا سرنا على نفس المنهج الذي سار عليه الصحابة عليهم رضوان الله.
قال تعالى: ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) [ الرعد:11 ].
من هنا كان التعرف على السبيل إلى النصر وتحقيق العزة والتمكين للمسلمين، ليعودوا إلى قيادة العالم من جديد بعدما تنحوا عن تلك المكانة أمدا طويلاً.
ولقد اتخذت من غزوة بدر وسيلة في سبيل الوصول إلى تلك الغاية ...
وقد تناولتُ أحداث تلك الغزوة وفصلت مواقفها من ناحية معلوماتية قائمة على استثمار كل ما أمكن من المعلومات في سبيل الوصول إلى تلك الغاية سواء أكان المصدر لتلك المعلومات هو الخالق عز وجل أو كان مصدرها البشر..