ليله القدر المباركه
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
ان أفضل الليالي من كل عام، عشر ليالٍ، العشر الأواخر من شهر رمضان، وهي الليالي التي كان يحييها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، وفيها ليلة خير من ألف شهر، وقد روى مسلم في صحيحه (1175) من طريق الأسود بن يزيد يقول: قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.وكذلك روى البخاري (2024)، ومسلم (1174) في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر.وفسر أبو بكر الصديق رضي الله عنه «شد المئزر» كما جاء في رواية لأحمد في المسند (1/132( باسناد حسن من حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر، أيقظ أهله، وَرَفَعَ المئزَرَ، قيل لأبي بكر: ما رَفَعَ المئزر؟ قال: اعْتَزَلَ النِّسَاءَ.
فضل ليلة القدر المباركة
ومن فضائل هذه الليلة:
-1 أنزل الله فيها القرآن، قال تعالَى: {انَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1].
-2 ونعتها بالليلة المباركة، قال تعالَى: {انَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَة} [الدخان: 3].
-3 وجعلها خير من ألف شهر فقال تعالَى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْف} [القدر: 3]، أي، ان العمل في ليلة القدر بِما يرضى الله خَيْرٌ من العمل في غيرها ألف شهر.
-4 وفي هذه الليلة تنزل الملائكة بأمر ربّها تقوم بِما كُلِّفَت بِه من أعمالٍ في هذه الليلة.
-5 وأخبر ان قيام ليلة القدر من الايمان، وفيها تغفر الذنوب، وتَمحو حسناتُ هذه الليلة الذنوب، والدليل ما رواه البخاري (35)، ومسلم (760) في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه»، وقال البخاري في صحيحه: بَاب قيام ليلة القَدْر من الايْمان.
-6 وذكر الطبري في تفسيره من فضلها: قال قتادة: ان الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلا، ومن الناس رسلا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله، فانَّما تعظم الأمور بِما عظمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل.