موضوع: كلمة في الاصطلاح والدلالة الموضوع الثاني الثلاثاء أكتوبر 09, 2012 10:05 pm
[center] [center][b][b] [center]
[/center][/center][/center][/b][/b]
[b][size=25]كلمة في الاصطلاح والدلالة
أهمية إدراك الفوارق بين المعاني اللغوية والمعاني الاصطلاحية.[/b]
إن الخلط في الدلالات وعدم معرفة الفوارق بين المعاني في اللغة وبينها في الاصطلاح أمر في غاية الخطورة؛ لأنه يؤدي بأصحابه إلى أسوأ الأحكام، وأتعس النتائج،
وهذا ما سنلاحظ بعضه في الصفحات التالية، ومن ثم يلزم بين يدي تعريفنا بالسنة معرفة الفوارق بين المعاني اللغوية والمعاني الاصطلاحية، وعليه فأقول:
قال العلماء " الفرق بين الاسم العرفي والاسم الشرعي أن الاسم الشرعي ما نقل عن أصله في اللغة فسمي به فعل، أو حكم حدث في الشرع، نحو الصلاة، والزكاة، والصوم، والكفر، والإيمان، والإسلام، وما يقرب من ذلك، وكانت هذه أسماء تجري قبل الشرع على أشياء، ثم جرت في الشرع على أشياء أخر، وكثر استعمالها حتى صارت حقيقة فيها، وصار استعمالها على الأصل مجازاً، ألا ترى أن استعمال " الصلاة " اليوم في الدعاء مجاز، وكان هو الأصل.
والاسم العرفي ما نقل عن بابه بعرف الاستعمال نحو قولنا: " دابة "، وذلك أنه قد صار في العرف اسما لبعض ما يدب، وكان في الأصل اسما لجميعه.
وعند الفقهاء أنه إذا ورد عن الله خطاب قد وقع في اللغة لشيء، واستعمل في العرف لغيره، ووضع في الشرع لآخر، فالواجب حمله على ما وضع في الشرع؛ لأن ما وضع له في اللغة قد انتقل عنه، وهو الأصل، فما استعمل فيه بالعرف أولى بذلك،
وإذا كان الخطاب في العرف لشيء، وفي اللغة بخلافه، وجب حمله على العرف؛ لأنه أولى، كما أن اللفظ الشرعي يحمله على ما عدل عنه، وإذا حصل الكلام مستعملاً في الشريعة أولى على ما ذكر قبل، وجميع أسماء الشرع تحتاج إلى بيان،
نحو قوله تعالى [b](وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)[/b] [البقرة:43]
إذ قد عرف بدليل أنه أريد بها غير ما وضعت له في اللغة، وذلك على ضربين: أحدهما: يراد به ما لم يوضع له ألبته نحو: الصلاة، والزكاة. و الثاني: يراد به ما وضع له في اللغة لكنه قد جعل اسما في الشرع لما يقع منه على وجه مخصوص،
أو يبلغ حداً مخصوصاً، فصار كأنه مستعمل في غير ما وضع له، وذلك نحو: الصيام، والوضوء، وما شاكله. وهذا كلام مهم، ولإيضاحه أكثر أقول:
[b]الأسماء ثلاثة أنواع: [/b] [b]الأول: يعرف حده بالشرع مثل: الإيمان، الصلاة،[/b] الزكاة، الصوم، الحج. [b]الثاني: يعرف حده باللغة مثل: الشمس، القمر،[/b] الليل، النهار. [b]الثالث: يعرف حده بالعرف مثل: القبض.[/b]
والألفاظ الشرعية - وإن كانت عربية في الأصل - إلا أنه لا بد من معرفة المراد بها في الشرع؛ لأن الشرع قد نقل تلك الألفاظ عن مدلولاتها الأصلية إلى معان بينها وبين المعنى الأصلي نوع اشتراك.
فالصلاة في أصل اللغة الدعاء، فجاء الشرع مخصصا الصلاة بأقوال، وأفعال، وهيئات معينة. و الزكاة في أصل اللغة هي النماء والزيادة، فجاء الشرع مخصصاً معناها بما يدفع من حق معلوم لمستحقيه باعتبار ذلك الدفع طريقاً للنماء والزيادة.
والصوم في أصل اللغة مطلق الإمساك، فجاء الشرع مخصصاً معناه بالامتناع عن أشياء معينة في أوقات معينة. و الحج في أصل اللغة القصد، فخص الشرع ذلك القصد بأنه القصد لبيت الله الحرام لأداء أعمال معينة.
فالشرع إذاً لم ينقل تلك الألفاظ – وغيرها – عن معانيها اللغوية بالكلية، ولم يبق عليها كما هي في أصل اللغة، بل خصت تخصيصاً شرعياً ببعض مواردها، كما أن عرف الناس يخصص بعض الألفاظ ببعض مواردها.
وإذا أعرض المرء عن هذا المنهج في تعامله مع المصطلحات الشرعية، ولم يع هذه الفروق فإنه يضل ضلالاً كبيراً، لذا لزم علينا أن نبين وجه الخلاف بين معنى " السنة " في اللغة وبين معناها في الاصطلاح، وهذا ما سنعرض له في الآتي.
[b]السنة في اللغة[/b] السنة في اللغة: مشتقة من الفعل " سن " بفتح السين المهملة وتشديد النون، أو من " سنن "
وهذه المادة تفيد جريان الشيء واطراده في سهولة، فهي تفيد أن الشيء تكرر حتى أصبح قاعدة.
ولها عدة معان: [b]1- السيرة المستمرة، والطريقة المتبعة المعتادة،[/b] سواء أكانت حسنة أو سيئة. وهذا المعنى للسنة هو الأصل والغالب،
قال ابن الأثير: " قد تكرر في الحديث ذكر: " السنة " وما تصرف منها، والأصل فيها الطريقة والسيرة.. "، وحسن الطريقة والسيرة أو سوؤها إنما يأتي على طريق الوصف والإضافة.
فمن الوصف قوله- صلى الله عليه وسلم-:[b] "[/b]
[b]" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها[/b] [b] وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم من شيء،[/b]
[b]ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر[/b] [b] من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ".[/b]
ومن الإضافة تأخذ كلمة " سنة " المدح أو الذم حسب المضاف إليه. ففي قوله - صلى الله عليه وسلم -: [b]".... [/b]
تكون السنة حسنة ومحمودة. وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: [b]" أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام [/b] [b]سنة الجاهلية..... " [/b]
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: [b]" لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا، وذراعا ذراعا، [/b] [b]حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله، [/b] [b]اليهود والنصارى؟ قال: فمن " تكون السنة هنا سيئة ومذمومة.[/b]
وأصلها اللغوي مأخوذ من قولك: سننت الماء إذا واليت صبه، وفي لسان العرب: سن عليه الماء: صبه، وقيل أرسله إرسالاً ليناً....
وسن الماء على وجهه: أي: صبه عليه صبا سهلاً،
فشبهت العرب الطريقة المتبعة، والسيرة المستمرة بالشيء المصبوب، لتوالي أجزائه على نهج واحد،
وبهذا الإطلاق اللغوي جاءت كلمة السنة في القرآن الكريم،
قال الله تعالى: [b]" وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم [/b] [b]إلا أن تأتيهم سنة الأولين "[/b] [الكهف /55]
وقال تعالى: [b]" سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا "[/b] [الإسراء:77]
[b]2- السنة بمعنى المثال المتبع، والإمام المؤتم به ,[/b] قال في اللسان: سنَّ فلان طريقاً من الخير يسُنّه: إذا ابتدأ أمراً من البر لم يعرفه قومه، فاستنوا به وسلكوه.
وقال الطبري: والسنة هي المثال المتبع، والإمام المؤتم به، يقال منه: سَنّ فلان فينا سنة حسنة، وسن سنه سيئة: إذا عمل عملاً اتبع عليه من خير وشر،
وبهذا الإطلاق اللغوي جاءت في قول النبي
- صلى الله عليه وسلم -: [b]" ما من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم كفل[/b] [b]من دمها ذلك أنه أول من سن القتل "، [/b]
يعني أن على قابيل قاتل هابيل نصيب من كل دم يراق؛ لأنه أول من ابتدأ القتل،
فقوله: " أول من سن القتل " فيه أن من سن شيئاًَ كتب له أو عليه، وهو أصل في أن المعونة على ما لا يحل حرام.
[b]3-والسنة بمعنى الصقل والتزيين، يقال: [/b] سنَّ الشيء يَسُنُّهُ سناً، وسنَّنَه أي: صقله وزينه. قال في اللسان: والسنة: الوجه، لصقالته وملاسته، وقيل هو حُرُّ الوجه، وقيل دائرته، وقيل: الصورة، وقيل الجبهة والجبينان، وكله من الصقالة والأسالة. ، و" السنن " جمع سنة.
كما وردت في الحديث الشريف بهذا المعنى، ومنه حديث: [b] " أنه - صلى الله عليه وسلم-[/b] [b] حض على الصدقة، فقام رجل قبيح السنة "[/b] [b]. أي: الصورة.[/b] [b]4-والسنة بمعنى العناية بالشيء ورعايته. يقال: [/b] سن الإبل إذا أحسن رعايتها والعناية بها، والفعل الذي
داوم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- سمي سنة بمعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - أحسن رعايته وإدامته.
[b]5-والسنة بمعنى البيان، يقال: سن الأمر، أي: بينه،[/b] وسن الله أحكامه للناس: بينها، فسنة الله: أحكامه، وأمره، ونهيه، وسنها الله للناس: بينها، وفي الحديث: [b]" إني لأَنسى أو أُنسَّى لأسُنَّ ".[/b] أي: إنما أدفع إلى النسيان لأسوق الناس بالهداية إلى طريق مستقيم، وأبين لهم ما يحتاجون أن يفعلوا إذا عرض لهم النسيان.
وإلي تعريف جديد بعون الله وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
المصدر شبكة الدفاع عن سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم