إن المجال مختلف فيها إثباتاً دفيناً، فذهب أبو علي الفارسي وتلميذه أبي جني إلى أن معظم اللغة مجاز لا حقيقية، وذهب ابن فارس إلى العكس وهو ما ذهب إليه حجة الإسلام الغزالي، وذهب الظاهرية إلى أنه لا مجاز مطلقاً في اللغة وأبو اسحق الأسفراييني أساس هذا الاتجاه. وعزى الشوكاني اتجاه أبي اسحق إلى تقصير البحث. وشيخ الإسلام ابن تميمة وتلميذه ابن القيم ذهبا إلى الرد على الاتجاه المجازي في القرآن وأنه سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا تحتوي على مجاز . وبدأ ابن القيم مقتنعاً بادئ الأمر بالمجاز في القرآن والسنة والدليل كتابه الفوائد وما يحويه من مجاز والقول به، إلا أنه اقتنع بعد ذلك باتجاه أستاذه وشيخ الإسلام وبدأ في الرد على القول بالمجاز. والدليل كتابه "الصواعق المرسلة" حيث فيه يظهر مذهبه الذي استقر عليه، وإن المجاز ما هو إلا مصطلح مستحدث بعد القرون الهجرية الثلاثة الأولى، وإنه من ابتكار المعتزلة والجهيمة وأتباعهم. وما في الكتاب من الاتهامات في اتباع المجاز ووصف من اتبع هذا بالتناقض والانحراف والأخذ بالمجاز ارتقاه الكثيرون وعملوا به، وبالجملة فالمسألة ليست بالهينة، وربما يجد القارئ شيئاً آخر في كتاب الإمام عبد العزيز بن عبد السلام "الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز" شيئاً آخر.