أربعين حديثا في العقيدة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -
وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد
فلا يخفى على المطلع على كثير من كتب العقيدة
التي ألفت ما شابها من اختلاط بمباحث الفلسفة
وعلم الكلام
حتى أصبح فهمها عسيراً
وأثرها على النفوس نادراً وقليلاً
وذلك لخلو مباحثها
- في الغالب -
عن النفحات الإيمانية
وصعوبة فهم مصطلحات فلاسفتها ومتكلميها .
فرأينا أن العودة بالمسلم إلى الجذور الصافية
والمنبع العذب من كلام النبي
- صلى الله عليه وسلم -
هو من سيعيد لعلم العقيدة رونقه
ويقبل بالمسلمين على تعلمه
فليس في كلام النبي
- صلى الله عليه وسلم -
تعقيدات الفلاسفة
ولا لغة المتكلمين الجافة
بل فيه المعاني الإيمانية تختلط بمواعظ ترقق القلوب
وتقبل بالنفوس على بارئها
فتأخذ - حين تأخذ عنه -
علماً إيمانياً صافياً يعرّفها التصور الصحيح عن الله
والكون
ومصير المؤمنين
ومصير الكافرين
وسبل النجاة
فينبت ذلك في القلوب حب العمل لنيل النجاة
وتحصيل الفوز في الآخرة
وهو من أكبر مقاصد العقيدة وغاياتها
(الحديث 1)
نشأة الكون
قال الإمام البخاري فى صحيحه
حدثنا عبدان، قال أخبرنا أبو حمزة، عن الأعمشعن جامع بن شداد ،عن صفوان بن محرز
عن عمران بن حصين
قال
إني عند النبي صلى الله عليه وسلم
إذ جاءه قوم من بني تميم
فقال اقبلوا البشرى يا بني تميم
قالوا بشرتنا فأعطنا فدخل ناس من أهل اليمن
فقال اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم
قالوا قبلنا جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر
ما كان قال كان الله ولم يكن شيء قبله
وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض
وكتب في الذكر كل شيء
(1) المعنى الإجمالي كان من عادة النبي – صلى الله عليه وسلم -في مجالسه أن يقوم بتعليم أصحابهلا سيما الداخلون الجدد في الإسلامأو الوافدون عليه من بلاد بعيدةفعندما جاءه وفد من بني تميم بشرهم- صلى الله عليه وسلم - بما أعد الله للمتقينوقال لهماقبلوا البشرى رغبة منه أن يسألوه عن بدء هذا العالمكيف ابتدأ خلقه ؟إلا أنهم رغبوا في العطاء العاجلوتطلعوا للمادياتفأعرض عنهم النبي- صلى الله عليه وسلم –وأقبل على وفد أهل اليمن وقال لهماقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم فقبلوهاوسألوه عن أول هذا الأمرأي مبتدأ هذا العالم ونشأتهفأخبرهم- صلى الله عليه وسلم -بأن الله هو خالق هذا الكونوأن الله كان ولا شيء قبلهوأنه أوجد الوجود من العدموأنه ابتدأ خلق السموات والأرضوكان عرشه على الماء، ولم يبين– صلى الله عليه وسلم –مبتدأ خلق العرش ولا خلق الماءلقصد السائلين السؤال عن بدء خلق هذا العالم وليس مطلق الخلق وجنسه وأوضح - عليه الصلاة والسلام –أن كل ما يتعلق بهذا العالم سطره الله في كتاب عنده الفوائد العقدية 1- أن الله هو الأول الذي لا شيء قبله
2- أن كل ما سوى الله مخلوق موجود من العدم
3- أن العرش والماء سبق خلقهما خلق السموات والأرض
4- أن الله غير محتاج للعرش، بل والعرش وما دونه محتاج إليه
5- إثبات صفة الخلق له سبحانه، وخلقه الشيء إيجاده من العدم .
6- الإيمان بالقدر، وأن الله كتب علمه بما كان
وما سيكون في كتاب عنده
الإسلام دين الفطرة
يتــــــــــــــبع