موضوع: في حُب الرسول" المرءُ مع من أحب " الأحد يوليو 15, 2012 12:25 am
"حُب الرسول"
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاهـ
النبي محمد صلَ الله عليه وسلم .. لولاهـ لهلكنا ومُتنا على الكفر وإستحققنا الخلود في النار به عرفنا طريق الله ، وبه عرفنا مكائد الشيطان شوقَنَا إلى الجنة ما من طَيّب إلا وأرشدنا إليه ، وما من خبيث إلا ونهانا عنه ، ومن حقه علينا أن نحبه
يحشر المرء مع من أحب
جاء أعرابي إلى النبي فقال: متى الساعة ؟! قال رسول الله : " ما أعددت لها ؟! " قال: إني أحب الله ورسوله .. قال: " أنت مع من أحببت ". بهذا الحب تلقى رسول الله على الحوض فتشرب الشربة المباركة الهنيئة التي لا ظمأ بعدها أبداً.
أبشر بها يا ثوبان
قال القرطبي: كان ثوبان مولى رسول اللهشديد الحب .. له قليل الصبر عنه فأتاهـ ذات يوم ، وقد تغير لونه ونحل جسمه ، يعرف في وجهه الحزن فقال له النبي : " ما غير لونك؟! ". قال: يا رسول الله.. ما بي ضر ولا وجع غير أنى إذا لم أراك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك لأني عرفت أنك تـُرفع مع النبيين ، وأنى إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل لا أراك أبداً، فأنزل الله عز وجل قوله: " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً".
رحم الله ثوبان.. حاله مع رسول الله كما قال الشاعر: الحزن يحرقـه والليـل يقلقه ،، والصبر يسكته والحب ينطقه ويستر الحال عمن ليس يعذرهـ وكيف يسترهـ والدمع يسبقه
الرحمة المهداة
قال عز وجل: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ". "لولاهـ لنزل العذاب بالأمة .. لولاهـ لاستحققنا الخلود في النار .. لولاهـ لضِعنا قال ابن القيم في جلاء الأفهام: إن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته أما أتباعه : فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة. وأما أعداؤهـ المحاربون له: فالذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم ، لأن حياتهم زيادة في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة ، وهم قد كتب الله عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم. وأما المعاهدون له: فعاشوا فى الدنيا تحت ظله وعهدهـ وذمته ، وهم أقل شراً بذلك العهد من المحاربين له. وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهليهم وإحترامها ، وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوراة وغيرها. وأما الأمم النائية عنه: فإن الله عز وجل رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض فأصاب كل العاملين النفع برسالته ".
لطيفة
قال الحسن بن الفضل: لم يجمع الله لأحد من الأنبياء إسمين من أسمائه إلا للنبي فإنه قال فيه: " بالمؤمنين رؤوف رحيم "، وقال في نفسه: "إن الله بالناس لرؤوف رحيم ". أصــبر لكل مصيــبة وتجـلد وأعلم بأن المرء غير مخـلد وأصبر كما صبر الكرام فإنها نوب تنوب اليوم تكشف في غد وإذا أتتك مصيبة تبلى بها فـ أذكر مصائبك بالنبي مـحـمـد
الجماد أحبه.. وأنت ؟!
لما فقدهـ الجذع الذي كان يخطب عليه قبل إتخاذ المنبر حن إليه وصاح كما يصيح الصبي فنزل إليه فأعتنقه ، فجعل يهذي كما يهذي الصبي الذي يسكن عند بكائه فقال النبي : " لو لم أعتنقه لحنّ إلى يوم القيامة ".
كان الحسن البصري إذا حدث بهذا الحديث بكى وقال: هذهـ خشبة تحن إلى رسول ا فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه.
ما أشد حبه لنا!!
تلا النبي صلى قول الله عز وجل في إبراهيم عليه السلام: " رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم". وقول عيسى عليه السلام: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " فرفع يديه وقال: " اللهم أُمتي .. أُمتي ". وبكى فقال الله عز وجل: يا جبريل إذهب إلى محمد فسله: ما يبكيك ؟! وهو أعلم فأتاه جبريل عليه السلام فسأله : فأخبرهـ النبي صلى بما قال فأخبر جبريل ربه وهو أعلم فقال الله عز وجل: يا جبريل إذهب إلى مُحمد ، فقل : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك.
حتى لا تكون فاسقاً
قال تعالى في سورة التوبة ، التي سميت بالفاضحة والمبعثرة لأنها فضحت المنافقين وبعثرت جمعهم
قال القاضي عياض: " فكفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالة وحجة على إلزام محبته ووجوب فرضها وعظم خطرها وإستحقاقه لها صلى إذ قرع الله من كان ماله وولدهـ وأهله أحب إليه من الله ورسوله وأوعدهم بقوله: " فتربصوا حتى يأتي الله بأمره "
كمال الإيمان في محبته
قال النبي : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ".
قد تمر علينا هذه الكلمات مروراً عابراً لكنها لم تكن كذلك مع رجل من أمثال عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذي قال: يا رسول الله لأنت أحب إلىّ من كل شئ إلا من نفسي. فقال النبي : " لا ، والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك " فقال عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسي فقال النبي : " الآن يا عمر ". قال الخطابي: " فمعناهـ أن تصدق في حبي حتى تفنى نفسك في طاعتي، وتؤثر رضاي على هواك، وإن كان فيه هلاكك ".
آخذ بحجزنا عن النار
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله : " مثلى كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها ".
ما أشد حب رسولنا لنا، ولأنه يحبنا خاف علينا من كل ما يؤذينا ، وهل أذى مثل النار؟! ولما كان الله عز وجل قد أراهـ النار حقيقة كانت موعظته أبلغ وخوفه علينا أشد ففي الحديث: " وعرضت على النار فجعلت أتأخر رهبة أن تغشاني ". وفى رواية أحمد: " إن النار أدنيت منى حتى نفخت حرها عن وجهي ".
ولذلك كان من الطبيعي أنه كان إذا خطب إحمَرت عيناهـ وعلا صوته وأشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول: " صبحكم ومساكم ". ولأنه لم يرنا مع شدة حبه لنا وخوفه علينا كان يود أن يرانا فيحذرنا بنفسه، لتكون العظة أبلغ وأنجح قال : " وددت أنى لقيت إخواني الذين آمنوا ولم يروني ".
ولم يكتف بذلك بل لشدة حبه لنا إشتد إلحاحه لنا في أن نأخذ وقايتنا وجنتنا من النار.
حجاب.. وإثنان.. وثلاثة
1. حجاب الصدقة: لقوله صلَ الله عليه وسلم: " اجعلوا بينكم وبين النار حجاباً ولو بشق تمرة ". 2. حجاب الذكر: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلَ الله عليه وسلم: " خذوا جنتكم من النار.. قولوا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات ومعقبات ومجنبات، وهن الباقيات الصالحات ".صحيح الجامع, وحسنه ابن حجر في الفتح. 3. حجاب تربية البنات: لقوله صلَ الله عليه وسلم: " ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له ستراً من النار ".
وليّ كل مؤمن
قال : " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من توفى من المؤمنين فترك ديناً فعلى قضاؤه ".
لكي تذوق حلاوة الإيمان
لقول النبي صلَ الله عليه وسلم: " ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما... ". وهذهـ مكافأة يمنحها الله عز وجل لكل من آثر الله ورسوله على هواهـ .. فيحس أن للإيمان حلاوة تتضاءل معه كل اللذات الأرضية، ولأن من أحب شيئاً أكثر من ذكرهـ ، فكلما إزداد العبد لرسول الله حباً كلما إزداد له ذكراً ، ولأحاديثه ترديداً ، ولسنته إتباعاً ، ومع هذا كل تزداد حلاوة الإيمان.
وثيقة حبه.. وقعها بالدم
ففي الطائف وقف المشركون له صفين على طريقه فلما مر الرسول بين الصفين جعل لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة حتى أدموا رجليه.
ومع بنى عامر بن صعصعة: يعرض النبي عليهم الإسلام ويطلب النصرة ، فيجيبونه إلى طلبه ، وبينما هو معهم إذ أتاهم بيحرة بن فراس القشيري ، فأثناهم عن إجابتهم له ثم أقبل على النبي فقال: قم فالحق بقومك، فو الله لولا أنك عند قومي لضربت عنقك فقام النبي إلى ناقة فركبها ، فغمزها بيحرة فألقت النبي من على ظهرها.
تصور حالته صلَ الله عليه وسلم وقد إقترب على الخمسين من عمرهـ ، ويسقط من ظهر الناقة ويتلوى من شدة الألم على الأرض ، والإرتفاع ليس بسيطاً إنه يسقط على بطنه من إرتفاع مترين ونصف
بينما النبي صلَ الله عليه وسلم في حجر الكعبة إذ أقبل عليه عقبة بن أبى معيط فوضع ثوبه على عنقه ، فخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكر رضى الله عنه حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن الرسول صلَ الله عليه وسلم وقال: " أتقتلون رجلاً أن يقول ربى الله ".
وغير ذلك: يوضع سلا جزور على كتفيه وهو ساجد، وينثر سفيه سفهاء قريش على رأسه التراب ويتفل شقي من الأشقياء في وجهه صلَ الله عليه وسلم
صبر صلَ الله عليه وسلم على ذلك كله لأنه يُحبنا .. أوذي وضرب وعُـذب إتهم بالسحر والكهانة والجنون. قتلوا أصحابه. . بل وحاولوا قتله وصبر على كل ذلك كي يستنقذنا من العذاب ويهدينا من الضلال ويعتق رقابنا من النار
يا ويحنا وقد أحبنا وضحى من أجلنا لينقذنا ، ودعانا إلى حبه ، لا لننفعه في شئ بل لننفع أنفسنا فأين حياؤنا منه ؟! وحبنا له؟! بأي وجه سنلقاهـ على الحوض؟! بأي عمل نرتجي شفاعته ؟! بأي طاعة نأمل مقابلته في الفردوس؟!
دنيا المديره العامه
ساعة الأميرة عهد : عدد المساهمات : 548 تاريخ التسجيل : 29/05/2012 العمر : 50