أين مدينتى ؟؟؟
منذ نعومة أظفارى
كانت تراودني خيالات
همسات تنادينى
تخترق أعماقى
كأنها جنية أتت
من عوالم مجهولة
صدى صوتها يرن فى أذنى
كنت أحلم بها كل يوم
تلك الأصوات تشدنى
إلى أعماق المعانى
إلى خصوبة الإنسان البدائى
بنقائه ولونه الرجولى
تنادينى أين معانى الوفاء
تشحذ همتى لاقتلاع الداء
تحيل تلك الحياة الملعونة
إلى حياة سرمدية أبدية
حياة طفولية بريئة
صادقة صدق رسالات الأنبياء
ساعتها قررت قرار حياتى
أن أبنى مدينتى كيفما أشاء
تلك المدينة الفاضلة
التى سردتها أوصاف الفلاسفة
يونان رومان مصريون قدماء
قالوا عنها مدينة الطهر
مدينة لا يرتادها إلا الأتقياء
تحدثت معهم ويالا غبائهم
ظنوا بى الظنون
اعتقدوا أننى اعيش
فى الزمن القديم
أن حضارتى متأخرة
وأنهم متقدمون
أننى أعيش واقعاً خيالياً
فليس للخيال مكان
وليس للمكان زمان
وليس للزمان عنوان
لكننى آمنت بمدينتى
أقسمت ان أبنيها
جمعت لبناتها بعرق السنين
بشبابى بدأت وما كنت لأنتهى
هذه لبنة الأخلاق
وهذه لبنة العلم
وتلك لبنة المشاعر
وهذه للدين
وبدأت أفرح بارتفاع البناء
فرأى الناس الإصرار فى عيونى
والعرق يتصبب من جبينى
تساءلوا فيما بينهم
لماذا يصر على بناء يوتوبيا فى الصحراء ؟
فقد تأتى العواصف لتهدم ما بدأه
ألا يخاف أن يذهب تعبه سدى
وجاء الليل بالهدوء
واعتلى القوم مضارب السمر
قالوا لأنفسهم ولم لا نكون معه
لم لا نقيم بناءً ونشيد أركانه
فوضعوا أيدهم متشابكة
وأقسموا قسماً غريباً
لا نعود إلى سمرنا إلا مشيدين
أنفلق الصبح عن النور
أضاء أرجاء الصحراء
فقاموا مسرعين ببناء بجوار بنائى
افقت من غفوتى فوجدت مدينتى
وجدت حلم حياتى
بناء جوار بناء بداخله فناء
أمتدت المدينة أمام عيناى
على مرأى الأفق
وكلما أمتد ناظرى سعدت
هذه مدينتى التى نادتنى فى طفولتى
أبتدأنا فيها ميلادنا الجديد
كل يوم يأتى
نقول هل من مزيد
عمت الأفراح بيوتنا
والسعادة قلوبنا
لكن بعد مرور الأيام
استفقنا على ضحكات رنانة
من يا ترى يعبث بمدينتى
سؤال عاجلنى
هرولنا لنرى من أين تاتى الضحكات
أتينا المكان مسرعين
فلم نجد غير سكارى وعاهرات
لا يعرفون غير الكأس والمضاجعة
تساءلنا من أين أتيتم ؟؟
ألم نقم حاجزاً كبيراً حول مدينتنا
قالوا إنما انتم بلهاء
نحن منكم .. شيدنا معكم
لكننا لبسنا لباس التقوى
وما نحن بتقاة
إنما أردنا تدنيس مدينتكم
لا لشئ إلا لنرى الحسرة فى أعينكم
لأننا نتلذذ بالدماء
نحن ساديون يروق لنا ما نشاء
لا ما يشاؤه غيرنا
كان علينا القتال فى ذلك اليوم
لنطهر مدينتنا منهم
لكننا مفطورون على النقاء
كيف نمسك السيف لنريق ونقتل
لكن بقى تساؤل ياتينى
يراودنى مرة أخرى
فى نومى وصحوى
أين مدينتى ؟؟؟
بقلمى
الواحدة والنصف صباح الأحد
15-5-2011